أضاعهمُ يوم الخميس حفاظهم … وكرَّهُم في المأزق المتلاحم
سقى الله أشلاءً بسفح أنيشة … سوافح تزجيها ثقال الغمائم
وصلى عليها أنفسًا طاب ذكرها … فطيّب أنفاس الرياح النواسم
لقد صبروا فيها كرامًا وصابروا … فلا غرو أن فازوا بصفو المكارم
وما بذلوا إلا نفوسًا نفيسة … تحن إلى الأخرى حنين الروائم
ولا فارقوا والموت يتلع جنده … بحيث التقى الجمعان صدق العزائم
بعيشك طارحني الحديث عن التي … أراجع فيها بالدموع السَّواجم
وما هي إلا عاديات فجائعٍ … تعبر عنها رائحات مآثم
جلائل دقَّ الصبر فيها فلم نطق … سوى غض أجفان وعضّ أباهم
أبيت لها تحت الظلام كأنني … رميُّ نصال أو لديغ أراقم
أغازل من برح الأسى غير بارح … وأصحب من سامي البكا غير سائم
وأعقد بالنجم المشرِّق ناظري … فيغرب عني ساهرًا غير نائم
وأشكو إلى الأيام سوء صنيعها … ولكنها شكوىً إلى غير راحم
وهيهات هيهات العزاء ودونه … قواصم شتى أردفت بقواصم
ولو برَّد السلوان حرَّ جوانحى … لآثرت عن طوع سلو البهائم
ومن لي بسلوان يحلُّ منفرًا … بجاث من الأرزاء حولي جاثم
وبين الثنايا والمخارم رمة … سرى في الثنايا طبها والمخارم