تساقوا كؤوس الموت في حومة الوغى … فمالت بهم ميلَ الغصون النواعم
مضوا في سبيل الله قدمًا كأنما … يطيرون من أقدامهم بقوادم
يرون جوار الله أكبرَ مغنم … كذاك جوار الله أسنى المغانم
عظائم راموها فخاضوا لنيلها … ولا روع يثنيهم صدور العظائم
وهان عليهم أن تكون لحودهم … متون الرَّوَابي أو بطون التهائم
ألا بأبي تلك الوجوه سواهما … وإن كنّ عند الله غيرَ سواهم
عفا حسنها إلا بقايا مباسم … يعزُّ علينا وطؤها بالمناسم
وسور أسارير تنير طلاقة … فتكسف أنوار النجوم العوائم
لئن وكفت فيها العيون سحائبًا … فعن بارقات لحْنَ منها لشائم
ويا بأبي تلك الجسوم نواحلًا … بأجرائها نحو الأجور الجسائم
تغلغل فيها كلُّ أسمرَ ذابلٍ … فجدَّل منها كلَّ أبيض ناعم
فلا يبعد الله الذين تقربوا … إليه بإهداء النفوس الكرائم
مواقف أبرار قضوا من جهادهم … حقوقًا عليهم كالفروض اللوازم
أصيبوا وكانوا في العبادة إسوة … شبابًا وشيبًا بالغواشي الغواشم
فعامل رمح دق في صدر عامل … وقائم سيف قُدّ في رأس قائم
ويا رُبَّ صوَّامِ الهواجرِ واصلٍ … هنالك ومصروم الحياة بصارم
ومنقذ عانٍ في الأداهم راسفٍ … ينوء برجلي راسف في الأداهم