للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَلَرُبَّ ذي مالٍ تَراهُ مُبعَّدًا … كَالكلبِ يَنبحُ مِن وَراء البابِ

وَتَرَى الأديبَ وإن دَهَتْهُ خَصاصَةٌ … لَا يُستَخفُّ بِه عَلَى الأبْواب (١)

وركنه الذي يستند إليه، وعماده المعتمد عليه، التاريخ المترجم من تقدَّم في الزمان، والمعرّف بأحوال من له في الشرف علو مكان، والمظهر سيرة من سلف ومضى، والمبيّن صفة من وُجد وانقضى، والمميّز الخبيث الفاسق من الطيّب الرضى، والموضح ما سمحت به القرائح، والمعين من الفضائل ما حمله كل غاد ورائح، والموصل إلينا ما أتت به الفضلاء من اللطائف المبتدعة، والمعاني المخترعة، والطرف التي هي بقوة الأفكار منتزعة.

وكنتُ ممن تعلَّق من الأدب بأهدابه، وقصد الدخول إليه من بابه، ليعدّ من أربابه، فحصل لي منه نصيب وقسم، وسما لي فيه ذكرٌ واسم، ولما عدمت الصدقة الجارية وفقدت الولد، أخذت في التصنيف خشية أن يكمل لي في انقطاع العمل العدد، وأحببت أن أضرب في التأليف بسهم، فأُذْكَر وأُعرَف بما آتي به من المعارف فلا أُنكَر، ورحم الله أبا الفتح البستي (٢) حيث يقول:

يَقولونَ ذِكرُ المَرْءِ يَحيا بنَسْلهِ … وَلَيْسَ لهُ ذِكرٌ إذا لَم يَكن نَسْلُ

فَقُلتُ لهم نَسْلي بَدائِعُ حِكمَتِي … فَإن فَاتنا نَسلٌ فَإنَّا بِه نَسْلوا (٣)

وكنتُ قد كتبت تراجم انْتَقَيْتها في أثناء المطالعة، وعلّقت أشياء انتخبتها من


(١) الأبيات من إنشاد أبي حاتم سهل بن يحيى السجستاني، كما في أدب الإملاء والاستملاء: (٢)، ومعجم البلدان: (١/ ٤٤).
(٢) هو أبو الفتح علي بن محمد بن الحسن البستي العميد الكاتب النحرير، توفي سنة ٤٠١ هـ. يتيمة الدهر: (٤/ ٣٤٥ - ٣٨٣)، تاريخ دمشق: (٤٣/ ١٦١ - ١٧١).
(٣) انظر يتيمة الدهر: (٤/ ٣٨٠)، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: (٢/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>