للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التواريخ المتتابعة، وجعلتها في جذاذات لأجدها عند المراجعة، ثم خشيت من فقدها فيبقى في القلب حزازات متتابعة، فعمدت إلى جمع مفترقها في هذا المجموع؛ ليحفظ وتراعى وتلحظ، وآنس به في السفر، وأحاضر به في الحضر من حضر، وأسرِّح الطرف في أزاهره، وأُطرب السمع بما يسمع من مزاهره، وألهو به عمن لا يرضى، وسمير عمَّا يفرط مني لا يغضى، وأقصر الخطى عن من يضَنُّ عليَّ، وأعزُّ نفسي عن السير إلى من لا ينظر إليَّ، لا سيما وقد دُفعنا إلى زمن صفوه تكدَّر، ودهر وجود جواد فيه عزَّ أو تعذَّر، وذي وفاء قلَّ أو تعسَّر، وفي ذلك أقول: شعر

مُذ صارَ صَفْو الوَرى إلى كَدرٍ … وَمَنزِلُ الجودِ في الوجودِ عَفا

وَلَيسَ لي مُسْعِد على إرْبِي … وَلَا صَديقٌ أَنالُ مِنهُ وَفَا

فارَقتُ صَحْبِي وَمَن أَنِسْتُ بِه … وَقُلتُ حَسْبي مِن قُرْبِهم وكَفَى

فَلَيْسَ لي مُؤنِسٌ سِوَى صُحفٍ … يُنْشَر فِيها حَدِيثُ مَن سَلَفا

تُهدي إلى السَّمع مِنهُم تُحفًا … وَينظر الطَّرفُ مِنهُم طُرفًا

وقصدي في هذا التصنيف: الاقتصار على ذكر جماعة من المتأخرين، والاختصار على من كان في المئة الخامسة، وما بعدها من السنين، والاختصاص بمن عَرَف فَنًّا من الفنون، وله كرامة ترقى الأخبار بها إلى أعلى مراتب الظنون، مرتبًا له على ترتيب حروف المعجم، ليدرك المأمول منه بسهولة ويُعْلَم.

والله أسأل أن يشيد معالمه، ويقرّر مغانمه، ويحسن فيه المبدأ والخاتمة، وهذا حين الشروع فيه، والإتيان بما يقضي به الوضع الاصطلاحي ويقتضيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>