نبت بهم أوطانهم فترحّلوا … وللجود في ذاك الرحيل رحيل
بلاد بها من عزّهم وعطائهم … وعور لن ينتابها وسهول
وللدّهر من أيمانهم ووجوههم … بها غررٌ وضَّاحةٌ وحجول
خلت فالربيع الغضّ محل لفقدهم … بها والصّباح المستنير أصيل
وساروا على حكم العدى ودليلهم … ثناء لهم في العالمين جميل
وما كنت أدري قبل أن يترحَّلوا … بأن الجبال الرّاسيات تزول
أذلوا خطوب الدّهر قدْمًا فبينهم … قديمًا وبين الحادثات ذحولُ
فأدرك بعض الثأر منهم بحالة … له لم تزل بالأكرمين تحولُ
أقالوا عثار النّاس منه ولم يكن … لعثرتهم في العالمين مقيل
وما ضرّهم لومُ الأنام وضرّهم … لجودهم بين الأنام جزيل
ولكنّهم خاضوا المنايا بأنفس … يهون عليها الخطب حين يهول
وجاشت لهم عند الصّباح مقانب … وجاست لهم عند الصيّاح خيول
وللسّيف خد بالنجيع مضرّج … وللرمح طرف بالعجاج كحيل
وشاموا ظُبًا يثني على صدق بأسهم … دماء بها لا تنجلي وفلول
وجرّوا قنًا مثل النَّساج يهزّها … صليل لأطراف القنا وصهيل
عجبت لها إذ جاورت من أكفهم … بحارًا وفيها بعد ذاك ذبول
أسامة إن يقفر حماك فقد غدا … وأقفر قدمًا من أسامة غيل