وما كنت إلا الشمس فارقت مشرقًا … ويمّمت غربًا لا دهاك أفول
أفادك حوب الحادثات نباهة … وفي عزّكم معْ عدلهنّ خمول
[وقلدت نحر الدهر درًا سلوكه … سطورٌ لها فوق الطروس فصول
تهب برياه إلى كل بلدة … بنات دبورٍ مرةً وقبول
فهل نفحة تحيي بنشر نسيمها … فتنتشر حيًا بالصعيد حلول
وتنقذ من أسر الأسى يا ابن منقدِ … قلوبًا عليها للهموم كبول
ولما توجّه أخوه الرشيد رسولًا إلى اليمن، كان يقف على داره ويمسك حلقة الباب، وينشدها ويبكي، وسميت: النواحة.
يا ربع أين ترى الأحبة يمموا … هل أنجدوا من بعدنا أم أتهموا
رحلوا وفي القلب المعنّى بعدهم … وجدٌ على مرِّ الزمان مخيم
وسروا وقد كتموا المسير وإنما … يسري إذا جيء الظلام الأنجم (١)
وتعوضت بالأنس نفسي وحشة … لا أوحش الله المنازل منهم
لولاهم ما قمت بين ديارهم … حيران أستاف التراب وألثم
أبكي وأنشدهم وأنشد فيهم … فالدر أنثره هناك وأنظم
أمنازل الأحباب أين هم وأين الصبر من بعد التفرق عنهم
نزلوا من العين السواد وإن نأوا … ومن الفؤاد مكان ما أنا أكتم
(١) كذا ورد البيت في الأصل.