وكنا نقضِّي من حقوقك واجبًا … وكُنا لذا التشييع نقطعها عشرا
ولم يك كالتوديع بالشاطئ الذي … به حيث وادعناكَ واعدتنا الحشرا
وفاضتْ دموع غشَّت العين إن ترى … وتلمح من أشراع غُرَّتك البدرا
وأعجلنا وشْك الرَّحيل وقد جرت … بك المنشآت وامتطَتْ ثُبُجًا خضرا
فكانت ركابًا للمنايا تسابقتْ … وراحت عن الأولى تَخبُّ إلى الأخرى
وما كان بين العصر والقسر مهلةٌ … كذا بنت عنه حين وادَعْتَنا عصرا
فوا أسفًا إن صار غصنك ذاويًا … وقد كان فينانًا ومشتملا زهرا
ووا أسفا إن صار بدرك آفلًا … وغطّ السِّرار البدر لم ينصف الشَّهْرا
ووا أسفًا إن أقلعتك يد البلى … ولم تتملَّى من شبيبتك الغمرا
رمتك المنايا عن قِسيّ صروفها … فسرعان ما أبقت على غرَّةٍ غِرَّا
لتبك البواكي يوم فقدك جهدها … وترسل في ميدانها الشُّهب والشقرا
لتبك العوالي والمذاكي وتغتدي … معطَّلة ما أن تباع ولا تشرى
لتبك العفاة المرملون ومن نبا … به وطنٌ قد عالج البؤس والفقرا
لتبك أُسارى لن تفادى فربما … فككت أسيرًا قد جبرتَ له كسرا
عزاء أباه فاحتسبه فإنه … مضى فرطًا برّا وقدَّمته ذخرا
رزيت عظيمًا مثل قدرك فاصطبر … فمثل الذي قدَّمت تلق به الأجرا
ومثلك من أعطى التجارب حقَّها … وكشف عن مكنون غيب الدُّجى سترا