ركبتَ سفينًا كان نعشًا فأسرعتْ … بك الرِّيح في الداما (١) توسعك القبْرا
فما للرياح الهوج هاجت كأنها … لقبح الذي جاءته طالبةً وِتْرا
ولو أنصف الموجُ الذي ماج لم تكن … لتركب في أثباجه مركبًا وعرا
ولا اقتاده سمح المقادة لينًا … كأن قد حوى في الطيب أخلاقَك الغرا
ولكنَّه لما امتطيت عبابه … مليا بكلِّ المجد ضاق به صدرا
فأبدَى ارتجاجًا طال فيه جماحَه … وأبدل عرفًا من خلائقه نكرا
تساجلتُما الأهوال ليلكما وقد … ملأَت بما تحويه أحشاءه وغرا
تلاطمت الأمواج بينكما معًا … فأغرق بحر زاخرٌ منكما بحرا
فأجلى سنا الإصباحِ عن مصرعيكما … ولم تحملا في الحرب بيضًا ولا سمرا
فبحر النَّدى تبكي النوادب منكما … وما هي إلا تسعر الأنجم الزُّهرا
أيا ليلةً بالنائبات تمخَّضت … وفي أفق الأزراء فجَّرت الفجرا
ألا يا غرابًا كان زجرًا من اسمه … اغترابٌ ليوم الحشر لم تكذب الزَّجرا
تسمَّيت بالميمون زورًا فليتنا … بلوناك حتى ننظم الخبر الخُبْرا
وفي السَّفرة الأولى بلوك فاحمدوا … ولولاه ما كنا نقيم لك العذرا
لعَمرك قد حملت مجدًا وسؤددًا … وبَأسًا وجودًا أثقل البطن والظَّهرا
ولو أخطأ اليوم افْتَرشنا خدودنا … فسرتُ ولمَّا نعدم البرَّ والبرا
(١) الداما: لوحة الشطرنج، فلعله يعني نوعًا من السفن.