ومن خبر الأيام خُبركَ لم يُرَع … فلا حلوها استحلى ولا استقطع المرَّا
مضى طاهر الأثواب عمَّا يشينُها … وقد ملأ الفتيان من دنسٍ أُزرا
مضى واحدًا في الفضل لم يبق غايةً … من المجد والعليا إلا لها أجرى
تولَّى حميد الفعل ما عاش قائمًا … على كل ما يرضاه خالقه برا
هنيئًا له الفردوس ينعم كلَّما … شقينا بدارٍ قد أقمنا بها سفرا
وما هذه الدُّنيا بدار إقامةٍ … فنكثرُ إعوالًا على أثر من مرا
متاع غرورٍ لا يدوم نعيمها … وكلُّ امرئٍ منَّا بذاك قد اغترَّا
هل العيش إلا نومةً في جهالةٍ … ويوقظنا موتٌ فنستعظم الأمرا
أسيِّدُ سادات الزمان أيا أبا علي … خذ الأولى يد الفضل والأخرى (١)
ومنك استفدنا الصبر في كل حادثٍ … فحقّ علينا أن نذكِّرك الصَّبرا
ولو كان مما يستطاع دفاعه … لخضنا له الأهوال والمهْمَه القفرا
ولكنَّه قد أعجز الخلقَ دفعه … فكلٌّ إلى أحكامه ذلَّ مضطرَّا
على أننا نطوي الجوانح والحشا … على كمدٍ ثاوٍ تشبُّ بها جمرا
ونستمطرُ الأجفان درَّ سحابها … صباحَ مساءَ فهي تمطره غزرا
وحين تخطَّاك الردى ارتدَّ أنسنا … به ولزمنا الحمد لله والشُّكرا
ومذ فُديَ الأصل الكريم بفرعه … فقد ساءَنا ريبُ الزمان وقد سرَّا
(١) كذا ورد البيت في الأصل، وهو مختل الوزن.