شيخُ الدهر وفاضله، وراوي الحديث النبوي وحامله، ومحرر اللسان العربي وناقله، وإليه تُشدُّ رواحله، وهو البحر الذي لا تُخاضُ لججه، ولا يُمتَطى ثَبجُه، ولا تسأم كلامه الأسماع، ولا تمتد إلى مُمَاثلته الأطماع، إنْ نَظَم فالجوهر الذي لا تنتهي إليه قيمة، أو نَثَر فالدُّرَر التي يقال في مفردها الدرة اليتيمة، أو صَنَّف فالفرائد التي تلتقطها الأذهان المتَّقِدة، والأفهام السليمة، لا تستقصي صفاته الذاتية الأوصاف، وجميع فضلاء عصره بالنسبة إليه في حكم المضاف، انتمى إليه الأقران، وقرأ عليه الأماثل والأعيان، وجلس بين يديه فلان وفلان، وعَمَّهُم من بحر فضائله بالنائل الغمر، وأقرَّ له بالفضل زيدٌ وعمرو.
ذاك الذي أبكى العيون بُعْدُه، وأنكى القلوب فَقْدُه، وطوي بساط الأدب بعد نشره، وبقي له ذكر مخلَّدٌ إلى يوم نشره، مرَّت لي في صحبته أعوام وسنون، وأقمت في خدمته من سنة ثماني عشرة إلى حين انتزعته منَّا يدُ المنون، ووددت لو طالت مدته، وتمنَّيت أن يُفْسَح في عمره، وهل يحصل للمرء منيته، وشغر منه الزمان وتعطل منه ذلك المكان، ودخل في خبر كان.
ولي: شعر
له أبدًا مني حنين مجدَّدٌ … ووُدٌّ مقيمٌ لا يغيِّره الدَّهر