للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والمتنبّي والبحتري، وفي عصركم من يهتدي إلى ما لا اهتدوا إليه، فقال له شخص فيه قحةٌ وإقدام: يا أبا جعفر ما أظنك تعني إلا نفسك، فقال: نعم، فقال: فأرنا برهان ذلك، فقال: ولم لا وأنا الذي أقول ما لم يتنبَّه له متقدِّم ولا يهتدي لمثله متأخر، ثم أنشد شعر:

يا هل ترى أظرف من يومنا … قلَّد جيد الأفق طوق العقيق

وأنطق الورق بعيدانه … مرقصة كل قضيب وريق

والشمس لا تشرب خمر النّدى … في الأرض إلا بكؤوس الرحيق

قال: فلم ينصفوه في الاستحسان، وردّوه في الغيظ إلى أضيق مكان، فقلت له: يا سيّدي هذا هو السّحر الحلال، فبالله إلا ما زدتني من هذا النّمط، فأنشد وقال قوله: شعر

أدِرْهَا فالسَّماء بدت عروسًا … مضمّخةً الملابس بالغوالي

وخدُّ الرَّوض حمرته أصيل … وجفن النَّهر كُحِّل بالظلال

وجيد الرَّوض يشرق في لآلٍ … تضيءُ بهنّ أكناف الليالي

فقلت له: زد وعد، فعاد والارتياح قد ملك عطفه، والتيه قد رفع أنفه، وأنشد: شعر

لله نهرٌ عندما زرته … عاين طرفي منه سحرًا حلال

إذ أصبح الطّل به ليلة … وجال في الغصن شبيه الخيال

فقلت: زدنا، فأنشد وقال: شعر

ولمّا ماج بحر اللَّيل بيني … وبينكم وقد جدَّدت ذكرا

<<  <  ج: ص:  >  >>