فجوزيت خيرًا من إمام ورحمة … ونلت من الله الثواب موفَّرا
وجاورت خير الخلق ذا السنن التي … حُييت عليها حافظًا متبصِّرا
ذهبت ولم تذهب علوم أفدتها … تدوم بها طول الزمان معمِّرا
لئن كنت مطويًا بقاع قرارةٍ … لصيتك منشورًا بألسنة الورى
وإن تك مفقودًا لعينىَّ رؤيةً … فإنك موجودٌ بقلبي تصوُّرا
ولو كنت تفدى لافتدتك مساجد … وأندية كانت لأجلك تُعترى
ولو يُشترى بالمال عمرٌ لفاضلٍ … لكان لكم بالمال والنفس يُشترى
هنيئا لك الدّار التي كنت عاملًا … عليها فما الدنيا بدارٍ لمن درى
وبشراك لا همٌّ هناك ولا عنىً … فنم في مهاد المكرمين موفَّرا
ويا ويح من خلفت بين ضلوعه … لهيبًا من الفقد الأليم مسعَّرا
يروح ويغدو حيث كنت فلا يرى … سوى طلل قد ساءَ بعدك منظرا
ليبكك مني ما بقيت مرزءًا … قديم وداد فيك لن يتغيرا
عليك سلام الله ما بقي الثنا … عليك ودام العلم عنك مسطَّرا
ولا برحت تَسقى ثراكَ غمامةٌ … وتخضل من مثواك روضًا معطَّرا
حكى لنا الشيخ أبو حيان قال: لمّا حبس الأستاذ أردت أن أقرأ على غيره، فقال لي: ما يهون عليَّ أن أتعب عليك أربع سنين وتُنسَب إلى غيري، وأنت قد بقيت، أين الكتب؟ طالعها وما تحتاج إلى أحد، قال: ولما أردت الرحلة إلى الشرق، قال لي: هُم بالمشرق يشتغلون بسماع الأجزاء، فعليك بسماع الكُتُب الكبار، وإذا ذُكر الله قُل: جلَّ الله ولا تزد، وكذلك إذا ذُكر النبي ﷺ، قل ولا تتكلّم في شيء يؤخذ عليك فيه.