أنشدنا العلامة أبو حيان محمد الغرناطي، أخبرنا الخطيب أبو عبد الله محمد بن صالح، وغير واحد إذنًا عن الأبار المذكور بهذه القصيدة، يستنجد بها الأمير أبا زكرياء يحيى بن عبد الواحد ابن أبي حفص الهنتاتي، صاحب إفريقية، أولها قوله: شعر
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا … إن السبيل إلى منجاتها درسا
وهب لها من عزيز النصر ما التمست … فلم يزل منك عزُّ النصر ملتمسا
وحاش مما تعانيه حُشَاشتها … فطالما لاقت البلوى صباح مسا
ما للجزيرة أضحى أهلها جُزرًا … للنائبات وأمسى جدها تعسا
في كل شارقةٍ إلمام بارقةٍ … يعود مأثمها عند العدى عُرُسا
وكل غاربةٍ إجحاف نائبةٍ … يرى الأمان حذارًا والسرور أسى
تقاسم الروم لا نالت مقاسمهم … إلا عقائلها المحجوبة الأنسا
وفي بلنسية منها وقرطبة … ما ينسف النفس أو ما ينزف النفسا
مدائنٌ حلّها الإشراك مبتسما … جَدْلان وارتحل الإيمان مبتئسا
وصيَّرتها العوادي العابثات بها … يستوحش الطرف منها ضعف ما أنسا
فمن دساكر كانت دونها حرمًا … ومن كنائس كانت قبلها كنسا
ما للمساجد عادت للعدى بيعًا … وللنداء يرى أثناءها جرسا
لهفًا عليها إلى استرجاع فائتها … مدارسًا للمثاني أصبحت دُرُسا
وأربُعًا لعبت أيدي الربيع بها … ما شئت من خلعٍ موشية وكُسى
كانت حدائق للأحداق مونقةٍ … فصوَّح النصر من أداوحها وعسا
وحال ما حولها من منظر عجبٍ … يستجلس الركب أو يستركب الجلسا