هو بالقدود هو بالقلوب، فقال: فهات نصيبي ومدَّ كمه.
وله البليق (١) المشهور في شخص يقال له الناصح، كان يدَّعي أنه يجتمع بالسلطان، وحصل منه ضرر للناس فمُسِكَ، وضُرِبَ، فنظم الوراق فيه قوله: شعر
في الحلو سيّب قلعك … والمالح راحت روح الناصح
ما كان لذاك الأذى يا رائس … اليوم شيء غير أمس
وذا الخبر بات الليلة … قابس للغادي والرائح
كم كان يجوركم كان للناس … يعسف كم من روح كان يتلف
ويدّعي والقوّاد ما يعرف … أيش اتعشّى البارح
بالليل يجيئ بالفانوس … والشمعة أي من صوب القلعة
فتّش تجد ذا القَوَّاد القلعة … جاء من لوم الجارح
وأما إذا أمصر عبل وازرقّن … وأتلو لك وازّرين
وقام قعْدلي في قنجا ورسن … وأتحدّث غير مازح
وقال سألني السلطان في … خفيا عن أحوال الدنيا
(١) البُلَّيْق: بضم الباء وتشديد اللام المفتوحة وسكون الياء المثناة التحتية: ضربٌ من الزجل، فقد قسموا الزجل إلى عدة أقسام تتنوع بحسب المعنى لا الوزن، فاختص اسم (الزجل) بالغزل ووصف الطبيعة والشكوى والخمريات، وأطلقوا اسم (البليق) والواحدة منه (بليقة) على الهزل والخلاعة والمجون، وجعلوا الهجاء والتنكيت تحت اسم (الحماق)، ومن أنواعه ما يتضمن المواعظ والحكم والأمثال، فهذا أسموه (المُكفِّر) بتشديد الفاء المكسورة بزنة اسم الفاعل، بقي من أنواعه نوع يأتي فيه بعض القول بلفظ مُعْرَب وبعضه بلا إعراب، وهذا يُسَمى (المُزَبْلَح) أي: المختلط، وهذه اللفظة حرّفتها العامة فكسروا الميم وأطلقوها على مَنْ لا يتأدب مع الناس في حديثه. وكلمة بليقة وردت كثيرًا في كتب تراجم المصريين منذ زمن الفاطميين، انظر مثلا: أعيان العصر للصفدي: (٤/ ٥٩٨)، مذكرة الأدب الشعبي: (٤٦) وما بعدها، المعجم المفصل في الأدب: (٢/ ٥٠٥).