ذكره ابن سعيد، وقال: كان أبوه المدلل من ولد شخص مراكشي، ومات المراكشي ببغداد، وترك ابنه صغيرًا، فضُمَّ إلى قصر الخلافة، فرُبّي مدللًا، وكان من أحسن الناس صورة، فمشى عليه المدلل، حتى جُهل اسمه، وتزوج من دار الخليفة، فوُلد له هذا الابن، فقام في خاطره أن يسميه عبد المؤمن على اسم سلطان المغرب.
قال ابن سعيد: ولم ألقَ ولا سمعتُ أن أحدًا منهم تَسَمَّى به، إعظامًا لأول أئمتهم، ولشيءٍ أُلقي في الخواطر.
قال: ونشأ عبد المؤمن في نعيم مُتَّصل، واغتناء غير منفصل، وكان أبوه المدلل كاتبًا بارعًا، ينقل من خط ابن البواب، إمامًا في التلحين، قد أخذه عن إسفندار البلخي، فتعلم عبد المؤمن من أبيه الفضلين، حتى صار المشار إليه في زمانه، وصار يُعرف تارة بالكاتب، وتارة بالملحِّن، بحسب الأماكن، واشتمل عليه الخليفة المستعصم لميله إلى الصِّناعتين، فوفره على الغناء.
قال: وكنت أسمع به، ودخلت الموصل، فاجتمعت بإمامها في التلحين ابن الدهان، ومن بها من أئمة هذا الشأن، وأنا مع ذلك متشوق إلى الاجتماع بعبد المؤمن، إلى أن دخلت بغداد، فكان أول اجتماعي به في خزانة المستنصرية، فرأيت شخصًا كأنه خُلق من كل شيء تستحسنه العيون والأسماع والنفوس، فأخذت معه في باب لطيف من إيراد المرقَّصات والمطربات، فكان مما هزه طربًا وجعل يستعيده مني، هذه الأبيات التي أولها قوله: شعر