يحاول إدراك النجوم كأنما … رمته بوترٍ فهو يطلب بالوِتْر
وإني لأهدي الطَّيف لكنني به … ضنينٌ على البيداء واللجج الخضر
فأدَّى إليَّ الركب عنك تحيةً … كما هبَّ عن روضٍ نسيمٌ من الفجر
ونبَّه ألحاظًا من النور لم تزل … نيامًا وإن لم تغض شفرًا على شفر
سلامًا لو أن الميتَ أصغى لمثله … لعوفي ذاك الميت من ضمَّة القبر
يكفكف دمعًا كان كالقطر سائلًا … ويبرد أكبادًا أحرَّ من الجمر
ويذكر أيامًا سلفن أوانسًا … وما كنَّ إلا خلسة من يد الدهر
وكم رقعة جاءت تحمله كما … تُحمِّل ماء المزن قلب من الصخر
تفتِّح عنه كالكمامة غضةً … تفتح زهرٍ غِبَّ منسكب القطرِ
وتهدي أحاديث الأماني مثل ما … تضوع روض الحزن عن عاطر الزهر
حديث يقرُّ القلب عند سماعه … وقد كان خفقًا يستطير من الصَّدْرِ
فقال يريك السحر بعض بيانه … وما أنت هاروت ولا هو بالسحر
يضمهما خطٌ كأنَّ رسومه … على الطُّرس رقمٌ لاح في صفحة البدر
كلفت به أنسًا وقربًا قناعةً … وقد يجزئُ الضحضاح في عدم الغمر
وكم لوعة ذكرتني الصبر عندها … وما كلُّ هم النفس يردع بالصبر
وكيف يسوغ الصبر من دون صُبية … كزغب القطا ما إن درجن من الوكر
يطير بهم نحوي جناحُ صبابةٍ … وأيُّ غناءٍ للصبابة والذكر
عسى الله يطوي البعد بيني وبينهم … فأقضي بهم حقَّ الطلاقة والبشر
وما ليلة يقضي بها الجمع بيننا … بقاصرةٍ في الفضل عن ليلة القدر