وكم لي فيكم أنة بعد زفرة … تهيِّج وجدًا كامنًا في الجوانح
كأن فؤادي من تذكر ما مضى … بقربكم يغتاله كفُّ جارح
قال: وأنشدني لنفسه: شعر
بقلبي داء من فراق الحبائب … أمرّ مذاقا من هجوم المصائب
وفي كبدي من لوعة البين حُرقة … لها في الحشا وخز كلدغ العقارب
أثارت لي الوجد الذي لا يزيله … ورود المنايا بعد ضنك المصاعب
فهل لفؤادي من يد البين راحة … أبرّد أشجاني بها ومشاربي
تجهّز جيش الهم نحوي وخيّمت … مضاربه بين الُّلهى والترائب (١)
كأن صروف الدّهر لم تلق منزلا … تحل به غيري فحلّت بجانبي
فأصبحت من وشك الفراق وبينهم … من السقم أخفى من دبيب بحاجب
سميري إذا ما الليل أرخى ستوره … لما بي من وجد مسيرُ الكواكب
فما لي وللدهر الخؤون كأنما … جنيت فجازاني ببعد الأقارب
فليت الليالي إذ ولعن ببيننا … جعلن الرّدى مقرونة بالمعاطب
أبى الدّهر إلا شتَّ شمل وفرقة … وروعة مصحوب بغيبة صاحب
أيحسبني دهري جليدًا على النّوى … وإنيَ ثبتٌ لا تُفلّ مضاربي
وإني لذو صبر على كل نكبة … وقد هذبتني للأمور تجاربي
(١) في تاريخ ابن عساكر بلفظ: تجهز وفد البين نحوي وخيمت مضاربه بين اللها والكواتب.