للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التبريزي قال: لما دخلت دمشق في سنة ست وخمسين، كان الخطيب بها وله حلقة كبيرة، فكنت أقرأ عليه الكتب الأدبية المسموعة له، فإذا مرّ في كتابه "بشيء يحتاج إلى إصلاح يصلحه، ويقول لي: أنت تريد مني الرواية وأنا أريد منك الدّراية، وكنت أسكن منارة الجامع، فصعد إلي يومًا وقال لي: أحببت أن أزورك في بيتك فتحدّثنا ساعة، ثم أخرج قرطاسًا فيه شيء، وقال: الهدية مستحبة، وأسألك أن تشتري بهذا القلم، ونهض وإذا بالقرطاس فيه خمسة دنانير، وجاءني مرة ثانية وحمل لي ذهبًا وقال: اشتر به كاغدًا، فكان نحوًا من الأول أو أكثر، وكان جهوري الصوت، إذا قرأ يسمع صوته من آخر الجامع، وكان يقرأ معربًا صحيحًا (١).

وقال أبو منصور علي بن علي بن عبيد الله الأمين: لما رجع الخطيب من الشام، كانت له ثروة من الثياب والعين، ولم يكن له عقب، فكتب إلى القائم بأمر الله أن يأذن له أن يفرّق ماله على من شاء، فأذن له، ففرّقه على أصحاب الحديث.

وقال ناصر بن محمد: كنت أدخل عليه وأمرّضه، فقلت له يومًا: يا سيّدي إن أبا الفضل ابن خيرون لم يعطني شيئًا من الذهب، الذي أمرته أن يفرقه على أصحاب الحديث، فرفع رأسه، وقال: خذ هذه الخرقة بارك الله لك فيها، فكان فيها أربعون دينارًا.

وله مصنفات كثيرة احترقت بعد موته، وسَلِم منها كتاب "التاريخ" (٢)، و"المؤتلف والمختلف"، و"المفترق والمتفق" (٣)، و"تلخيص المتشابه" (٤)، و"الجامع لأخلاق الراوي


(١) انظر الخبر في: معجم الأدباء: (١/ ٥٠٦ - ٥٠٧)، الوافي بالوفيات: (٧/ ١٢٩).
(٢) طبع بدار الغرب الإسلامي في بيروت سنة ١٤٢٢ هـ/ ٢٠٠٢ م، بتحقيق بشار عواد.
(٣) طبع بدار القادري في دمشق سنة ١٤١٧ هـ/ ١٩٩٧ م، بتحقيق: محمد صادق الحامدي.
(٤) نشره مركز طلاس للبحوث والترجمة والنشر بدمشق سنة ١٩٨٥ م، تحقيق سكينة الشهابي.

<<  <  ج: ص:  >  >>