فضاقت أخلاقه من أفعالهم التي طبعت على غير طبعه، فقيل له: لو اجتمعت بجمال الدين ابن محارب صاحب الديوان لرأيت ما جمعه الله فيه من العلم والزهد والخلال الشاملة لأمور الدين والدنيا، فلما اجتمع به تذاكرا في فنون، وانفصل منه والدي أقبح انفصال، فقلت له وهو يتميَّز من الغيظ: كيف رأيت زاهد القوم وعالمهم؟ فقال: أقسم بالله العظيم ما رأيت أكفر ولا أجهل منه، ما ترك كبيرًا من أصحاب رسول الله ﷺ إلا انتقصه وطعن عليه، إلا علي بن أبي طالب؛ فإنه أنزله منزلة الروحاني الذي نزَّهه الله ﷾ عن الصفات البشرية، وأخذنا في فنون العلم فما تكلم في فن إلا كان أعلم الناس بطريق الضلالة فيه، وبعد اليوم لا زدت رحلة في بلاد القوم، ولا جالست منهم أحدًا إلى أن يُيسِّر الله الحج، أو ألقى الله فاستريح منهم.
ثم إنه اعتكف في بيته على النسخ والمطالعة.
واختصر "تاريخ الحافظ أبي بكر الخطيب".
وله أيضًا قوله: شعر
رُدَّني للمغرب الأقصى ودعْ … ذكر أرض الشرق عني جانبا
أيُّ خيرٍ في بلاد لا أرى لي … بها ما دمتُ فيها صاحبا
والنَّصارى فلهم أعمالها … حاجبًا أو حاسبًا أو كاتبا
لعن الله حياتي بين من … لم أكن ألقاه إلا غاضبا
وله:
أتاني كتابٌ من جناب معظَّمٍ … غدا وهو ملآنٌ بكلِّ تكرم