غَدرتُم ولولا الغدر ما كان لي عُذر … فجاء على قصدي وقصدكم الأمرُ
وجدتم مجالًا للقلى وكذا أنا … فما ضاقَ لي يومًا ولا لكمُ صدرُ
فلا أشتكي منكم ملالًا لأنكم … هجرتم بحمد الله أو طابَ لي الهجر
فإن تدَّعوا عنَّا اصطبارًا فهكذا … أتانا بلا دعوى كما نشتهي الصَّبر
وإن تشكروا حكم البعاد فللنَّوى … علينا أيادٍ ما يقوم بها الشُّكر
وكنت أظن الصبر مرًّا مذاقه … فمذ ذقتُه أيقنتُ أن الهوى مُرُّ
فكونوا كما شئتم فإنَّا كما نشا … صحَونا جميعا وانجلى ذلك السكر
ومذ زال عني مثل ما زال عنكم … خيال الهوى أيقنت أن الهوى سحر
فكم تهتُ من قدٍّ هناك وطلعةٍ … فغصنٌ ولا غصنٌ وبدرٌ ولا بدر
وإن كان زيدٌ صدَّكم عن وصالنا … فلم تخطئوا شيئًا كذا صَدَّنا عمرو
وإن كنتم أنسيتُم العهد فاسألوا … لنخبركم هل مرَّ يومًا لكم ذكر
تقضَّى الهوى منَّا ومنكم فكلُّنا … سواءٌ ولكن منكم بدأ الشر
فلا مقلة عبرى بأجفانها كرىً … ولا كبد حرَّى بأثنائها جمرُ
ولا زادنا حبُّ جوىً كل ليلةٍ … ولا سلوة الأيَّام موعدها الحشر
وكنَّا نظن الحتف يقضى وما انقضى … هوانا ونرضى لو مضى قبله العمُر
وكنا كما شاء الغرام كأنَّنا … لفرطِ امتزاجٍ بيننا الماء والخمر
فكم ليلةٍ بالوصل ما شانها دجىً … وكم ليلة بالهجرِ ما شابها فجر