للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقدم مصر، فنشر العلم بها.

وتفقه عليه جماعة، منهم العلامة أبو الحسن علي بن هبة بن سلامة المعروف بابن بنت الجميزي، وقرأ عليه الأصول والخلاف، وألبسه الطيلسان، وأجازه بالفتوى، وكان يقول عن الطوسي: إنه رئيس العلماء في زمانه ووقته، وسمع منه.

وكان مقدامًا؛ قال الشيخ بهاء الدين المذكور: سمعته يقول: كنت ببغداد حين بويع للخليفة الناصر، فدُعيت للبيعة، فجئت وقد كان تقدَّمني جماعة، فوجدت الحُجَّاب قيامًا في رحبة في فناء دار البيعة، والخليفة جالسًا من وراء شباك، وتحت الشباك موضع لطيف، والوزير جالسٌ في طرفه، فلما صرت في وسط الرحبة صاح الحُجَّاب الأرض الأرض، فلم أتكلم، فصاحوا ثانيًا، فلم أتكلم، فلما قربتُ صاحوا صيحة عظيمة: الأرض الأرض، فالتفتُّ إليهم وقلت لهم: أتأمروني أن أسجد لغير الله تعالى، ثم أبايع أمير المؤمنين، فقالوا: قد فعل ذلك من هو خيرٌ منك، فقلت: وأنا إذن أول من يبايع، ثم جئت إلى المكان الذي عليه الوزير، وجلست مقابله، فقال للخليفة: عندكم الطوسي؟ فلم يتكلم، وأخرج كمَّه من الشباك للمبايعة، قال: فقلت للوزير: يؤذن لي أن أتكلم؟ فقال: قل، فقلت: يا أمير المؤمنين إن النبي ، كان يبايع الرجال مصافحة، والنساء بطرف الرداء، فمن أي القسمين جعلنا أمير المؤمنين، فجذب كمه وأخرج يده، فقلت: أبايعك على أن تحكم بكتاب الله، وسنة رسوله ، وإجماع المسلمين، فقال الوزير: وهل الإجماع خارج عنهما، فقلت: نعم، وبيَّنت القول فيه، ثم قلت للوزير: يؤذن لي في القول؟ قال: قل، فقلت: يا أمير المؤمنين إن دولتك حديثة فأذق المسلمين حلاوتها، ولا تذقهم مرارتها، فإن كلَّ حلوٍ محبوب وكل مرٍّ مكروه، أعانك الله على ما أولاك، ثم انصرفت.

ودرَّس بمصر بمنازل العز، فأرسل الوزير ابن شكر من يطلب معرفة ريعها ويتحدث فيه، فرسم الفقيه بضرب من حضر من جهة الوزير، وطلع إلى القلعة

<<  <  ج: ص:  >  >>