واشتغل بالفقه والأصولين علي أبي الثناء محمود بن عبد الله المراغي، والعلامة عبد الرحمن الفزاري، وغيره.
وبرع في الفقه والأصول، وقدم مصر فولاه قاضي القضاة عبد الرحمن بن بنت الأعز قضاء الحكر مدة، ثم استنابه الإمام العلامة قاضي القضاة أبو الفتح القشيري في مصر، وولاه دمياط والشرقية، ثم استنابه في القاهرة، ثم قدم قاضي القضاة أبو عبد الله ابن جماعة، فولاه الغربية وأحسن إليه.
ثم وقعت له بالمحلة واقعة، فعزل نفسه، وأقام بالقاهرة، وترك الاجتماع بقاضي القضاة ابن جماعة، وصار يتكلم عليه، ويسيءُ إليه، وصارت الإساة عادة له، فاستعملها مطلقًا، وتَعَدَّى إلى الأموات، ونَفَّر الناس منه.
وتصدر بجامع الحاكم مدة، وأعاد بالمدرسة القَراسُنْقِرية، ثم وُلّي تدريس المدرسة المنكوتمرية، ثم لما مات أبو الحسن علي بن جابر، ولاه الأمير جمال الدين أقوش ناظر البيمارستان.
ودرَّس الحديث بالقبة المنصورية، ولم يكن له اشتغال بالحديث، وتكلم الناس في ذلك، فقلت في ذلك شعر: قوله
بالجاه تبلغ ما ترومُ فإن تُرِدْ … رُتَب المعالي فليكن لك جاهُ
أو ما ترى الزّين الدمشقي قد ولي … درس الحديث وليس يدري ما هو
وكان في القضاء محمود السيرة، ظاهر العفة، طاهر الكف، وكان كثير الاشتغال، دائم المطالعة، وانتهت معرفة الفقه إليه، وكان ضنينًا بما لديه فلم يبرز له تصنيف، ولا ظهر له تلميذ.
وولي الخطابة بالجامع الصالحي خارج القاهرة، ومشيخة خانقاه طيبرس التي على البحر، ثم شكا منه بعض أولاد الواقف لأمير حاجب، وعُزِل عنها.