للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الحديث النبوي كلّ طريق، وأُتِي إليه من كلّ فجّ عميق، وخاض لججه، وامتطى من بحره ثبجه، فعذب شربه، ونما عشبه، وأينعت ثماره، وزهت أزهاره، وصارت العمدة فيه عليه، وشُدَّت الرّواحل من كل النّواحي إليه، علم أن الدنيا فانية، فاختار الباقي وترك الفاني، فشيّد معالم السُّنّة، وعمَّر بها تلك المغاني والمباني، فإذا شدا بذكره شادٍ فعل في القلوب ما لم تفعله المثالث والمثاني.

رأيت بخط الإمام أبي الفتح القشيري على جزء سمعه منه، وكتب عليه: سمعته على شيخنا الإمام نُدرة الوقت عبد العظيم.

وأخبرني شيخنا أبو الفتح محمد بن الدّشناوي قال: قال لي قاضي القضاة أبو الفتح المذكور يومًا: يا فقيه، فزت برُؤية الشيخ [زكي] (١) الدين، فقلتُ: وبرؤيتك، فكرّرتُ عليه، فكرّر القول، ثم قال: يا فقيه، كان الشيخ أدينَ منِّي.

وقال لي القاضي أبو الطّاهر السّفطي: قال لي الشيخ المذكور: ضيّعنا زمانًا في السفر والرحلة، ولو قطعناه عند الشيخ زكي الدين حصل الغرض.

وكان الإمام أبو محمد ابن عبد السّلام يأتي إليه، ويحضر درسه ويقول: نحن هنا أذُنٌ.

وبالجملة ففضائله كثيرة، ومناقبه غزيرة، وسيرته شهيرة، سيجازيه عليها عالم العلانية والسّريرة.

قرأ القراءات على الأرتاحي، وتفقّه على الإمام أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد القرشي ابن الورّاق، وقرأ العربية على أبي الحسين يحيى بن عبد الله النّحوي، وسمع الحديث منهم، ومن الحافظ علي بن المفضّل، وعليه تخرّج.


(١) في الأصل: ركن، والتصحيح من المصادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>