قال: وأنشدني لنفسه، وكتبَه لي بخطه وصية لأولاده، شعر:
لله محبوب ظَفِرْتُ بنظرة … منه ففاز من الفؤاد بشطره
وأقام في سوادئه مستوطنًا … لما دنَوْتُ إليه ساعة نَفْرِه
ظَفَرتْ يداي بدرة منقوشة … من وُدِّه والودُّ أنفس درِّه
مَرِضَتْ لواحظه فأعدى سقمها … حبل الوفاء لنا فجد بعذره
وسرت عقارب صدغه في ليلة … حتى إذا انكسفت بواضح فجره (١)
ولقد هجرت فكدت أهلكُ فاستعذ … بالله من ملل الحبيب وهجره
وعلمت أن الحُكم فينا نافذ … فرضيت منه بحلوه وبمره
أمحمَّد ولأنت فرعٌ أصله … من معدن الكرم العريق ونجره
خطفت أباك يد الفراق فطوَّحت … عنكم به ومحلكم في صدره
يا قرب موتاكم وبعد مزاركم … أنتم بمقلته وموضع سرّه
إن فاض مدمعه فمن نار الحشا … ينبوعها الجاري ومسبل قطره
وأبا العلاء ولست أملك عبرة … تجري الدّماء إذا هتفت بذكره
ودَّعته والقلب رهنٌ عنده … فلذاك لا يخلو به من فكره
وإذا سليمان غدت أقلامه … في طرسه تجري بمعرب نثره
أهدى إلى قلبي سرورًا كاملًا … ببلاغة في كتبه مع قُصره
إن قال أوجز في المقالة معربًا … عن ألف سطر في الكتاب بسطره
(١) تاريخ دمشق: (٧٣/ ١٠٧ - ١٠٨) والأبيات بعد هذا البيت لم ترد في المطبوع.