وذكر أبياتًا كثيرة، فاشتهرت القضية وبلغت مظفر الدين صاحب إربل، فاستدعى بالشيخ، وقال: أغفلناك ومثلك لا ينبّه عليه إلا نفسه، وقد جعلت عقاب ذاك الفتى عزله ووليتك الخطابة على منبر هذا الجامع، فقال: أرغب إلى السلطان أن لا يكدّر إحسانه إليّ بأن أكون سببًا لقطع رزق إنسان، وأنا ممن يشتفي بالقول لا بالفعل، والاشتفاء بالأفعال من شيم الملوك، فقال السلطان: لم تزد إلا أدبًا وفضلا، وأقرّ الفتى على عمله وصار من خدّام الشيخ المعترفين بحقّه، وترقّت حال الشيخ إلى أن ولاه السلطان قاضي القضاة بلده، وله شعر، منه قوله:
لا تَشْتَكِ فالناس في الرزايا … ثلاثة ثم لا مزيد
إما صديق يفاد غما … أو شامتٌ كاشح حسود
أو غافل عنك مستريح … إليه بشكواك لا تفيد
توفي القاضي رحمة الله عليه سنة اثنتين وست مئة، في ما ذكر ابن سعيد (١).
(١) في الغصون اليانعة لابن سعيد: (٨٠): وكانت وفاته سنة ثلاث وست مئة.