وتظهر أهمية كتب التراجم في كونها تتكامل مع كتب التاريخ؛ فمعظم كتب التاريخ لا نكاد نجد فيها سوى أخبار الحروب والثورات والجوائح؛ بينما تحفل كتب التراجم بمعلومات قَيِّمَة عن تاريخ أمتنا الفكري والاجتماعي والإداري والحضاري.
وفي هذا الإطار يَزُفُّ مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بمؤسسة الرابطة المحمدية للعلماء إلى عموم الباحثين والمهتمين بعلم التاريخ والتراجم كتاب:"البدر السَّافر عن أُنْسِ المسافِر"، لمؤلفه الإمام الفقيه المؤرخ الأديب كمال الدين أبي الفضل جعفر بن ثعلب بن جعفر الأُدْفُوِي (ت ٧٤٨ هـ)، صاحب التصانيف المفيدة النافعة، مثل كتاب:"الطَّالع السَّعيد الجامع أسماء نُجَباء الصَّعيد"، وكتاب:"الإمتاع في أحكام السَّماع"، وكتاب:"الموفي بمعرفة التصوّف والصوفي"، وغيرها.
ويُعدّ كتاب البدر السافر من الأعلاق النادرة، والدواوين النفيسة في فنّ التراجم؛ فهو يشتمل على ما يُقَارب ستمائة عَلَم من أعيان المائة السابعة، وكذلك تضمَّن جملة وافرة من تراجم أهل القرن الخامس والسادس والثامن؛ ممَّن عُرفوا بفنّ من الفنون، أو كانت لهم كرامة أو مزية، والكتاب مُرتب على حروف المعجم، ولم يقتصر فيه مصنفه على التراجم المشرقية، بل شملت عنايته أيضًا تراجم أعلام المغرب والأندلس؛ من علماء، وفقهاء، ووزراء، وأطباء، وقضاة، وكُتَّاب، وشعراء، وأدباء، وغيرهم، وقد قاربت تراجمهم الرّبع من مجموع الأعلام المترجم لهم في هذا الكتاب.