للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقيرًا وأتردّد إليه، فأنا يومًا عنده في السَّحَر، وإذا حِسّ خيل وركض، فطلع إلى ذلك الفقير الصّاحب فخر الدين عمر بن عبد العزيز بن الخليلي، وكان إذ ذاك وزيرًا، وكان يعتقد في ذلك الفقير، فقال: يا سيّدي لا تخلي عندك أحدًا، فقال له: ما عندي أحد، وهذا الحاضر أنا ما أخفي منه شيئًا للثقة به، قُل ما عندك، فقال: جاءني ابن عطاء الله الإسكندراني وقال لي: الليلة ترى النبي ، واجعل شكرانة ذلك أن توليّني خطابة الإسكندرية، فأجبتُه إلى ذلك، ثم مضت الليلة ولم أر شيئًا، وقد عزمتُ على ضربه بالمقارع (١)، فقال له الفقير: لا، أنت أكلت الآن شيئا؟ قال: لا، فقال: انْوِ الصّوم، وأكثر الذكر، واجتهد في فعل الخير، وتحرّ الفطور على حلال، وأكثر من الصّلاة على رسول الله ، وتبصر الليلة، فمضى ثم أتى ثاني يوم، وقال للفقير: فعلت جميع ما قلت لي ولم أر شيئًا، فقال: افعل اليوم مثل أمس، فمضى على ذلك ثلاثة أيام ولم ير شيئًا، وعزم على إيقاع الفعل به، فلاطفَه الفقير ورجّعه عن ذلك.

ولابن عطاء تصانيف في التصوّف (٢).

وله نظم؛ أنشدني بعض أصحابنا له هذه الأبيات، أولها قوله : شعر

أعندك عن ليلى حديث محرّر … لإيراده يُحيي الرميم وينشر

فعهدي بها العهد القديم وإنّني … على كلّ حال في هواها مقصّر

وقد كان عنها الطّيف قدمًا يزورني … ولما يزر ما باله متعذّر

وأمثال ذلك.


(١) المقارع: جمع مقرعة، وهي السوط، وقيل: خشبة تضرب بها الدواب. تاج العروس: (٢١/ ٥٤٦ - ٥٤٧) قرع.
(٢) من أشهر كتبه: الحكم الإلهية، وهو مطبوع متداول، عليه شروح عديدة، وله أيضا: كتاب التنوير، وتاج العروس في الوصايا والعظات.

<<  <  ج: ص:  >  >>