ثم دخل بغداد ثانيًا، ووعظ بها، وازدحم الناس عليه؛ قال ابن السمعاني: كان يقول: دخلت جبل زَزْ لزيارة الشيخ عبد الله الجوِّي، وكنتُ قد لبستُ الخرقة من يده، فوجدتُ ذلك الجبل معمورًا بأولياء الله، ولا أعلمُ في ذلك الجبل حجرٌ لم تصبه دمعتي.
قال: وسمعت أبا الفضل صافي بن عبد الله الصوفي الشيخ الصالح يقول ببغداد: حضرت مجلس شيخنا الإمام يوسف المذكور في المدرسة النظامية، وقد اجتمع فيه العَالَم، فقام فقيهٌ يعرف بابن السقاء، وآذى الشيخ، وسأله عن مسألة، فقال له الإمام يوسف: اجْلس، فاني أجد من كلامك رائحةَ الكفر، ولعلَّك تموتُ على غير دين الإسلام، فاتَّفق بعد هذا القول، قدوم رسول نصرانيّ من ملك الروم للخليفة، فمضى إليه ابن السقاء وسأله أن يستصحبه، وقال له: وقع لي أن أتركَ دين الإسلام وأدخل في دينكم، فخرج معه إلى القسطنطينية، ومات على النصرانية.
قال: وسمعت من أثق به يقول: إن وَلَديْ الإمام أبي بكر أحمد الشاشي قاما في مجلس يوسف المذكور في النظامية، وهو يعظ، وقالا له: إن كنتَ تنتحل مذهب الأشعري نخلِّيك تعظ في هذه المدرسة، وإلا فانزل ولا تعظ ها هنا، فقال لهما: اقْعُدا، لا متّعكما الله بشبابكما، فسمعتُ جماعة يقولون: ماتا قبل الكهولة.
قال: وسمعت السيد إسماعيل بن أبي القاسم بن عوض العلوي بهراة يقول لشخصٍ من أصحابه، ثم خرج عليه، وصار يقع فيه، ويرميه بأشياء هو بريءٌ منها: هذا الرجل يُقتلُ، وسترون ذلك، فقُتِل قريبًا من سرخس.
قال: وقال جدي أبو المظفر: ما قدم من العراق مثل يوسف.
وتكلم معه يومًا في مسألة البيع الفاسد، فجرى بينهما سبع عشرة نوبة في هذه المسألة.