ذلك، فيقول لكل منهم: صدقت، هكذا في الكتاب الذي نقلت منه في الموضع الفلاني عقيب الفصل الفلاني.
وحكى القطب الأسيوطي الفقيه، قال: كان عند قاضي القضاة تاج الدين العلامي جماعة من الفقهاء، وسأل عن مسألة فلم يستحضروا فيها نقلًا، فحضر الجمال يحيى فسأله، فقال: أنقلها من سبعة عشر كتابًا، وسرَدَها.
وكان مرةً عند مُسْتنيبه قاضي القضاة ابن رزين، فوقعت محاكمة في الحضانة، وشرع قاضي القضاة يقول، فقال الجمال يحيى خلافه، يعني النقل خلاف هذا، فقال له: احكم بينهما.
وجمع سلَّة كبيرةً كثيرةَ النَّقل، فضاعت بعده.
وتولَّى الحكم بالمحلة وأعمالها، ثم درَّس بمشهد السيد الحسين بالقاهرة، وناب في الحكم بها، وكان لحَّانًا.
ودرَّس بعد الفضلاء "المنتخب في الأصول"، والجمال يحيى حاضر مرات، فلم يفهمه، وربما كان ينام.
وحضر إليه شخصٌ يسأله عن مسألة نكاح العبد بالصغير، وكانت هذه المسألة تستعمل كثيرًا لمن يقصد التحليل، فيعقد للمطلقة ثلاثًا على عبد صغير، ثم يملكه للزوجة فينفسخ النكاح، فلما سأله، قال: هذا ما يجوز، ولو جاز أبطلته.
وكان حسن السيرة في القضاء، وقويّ النفس؛ حكى لنا أقضى القضاة شمس الدين محمد الشهير بابن القماح، قال: وقع بينه وبين قاضي القضاة ابن رزين تشويشٌ، ثم اجتمعا، فقال له ابن رزين: أنا لو أردتُ عزلكَ كنت فعلتُ، فقال له: ما تقدر، فقال: من يمنعني؟ فقال: كنا عند الفقيه أبي طاهر يومًا، فحصلت له حالة، وقال: كلُّ من له حاجةٌ يذكرها، فقلت أنا: أريد أن أكون نائب الحكم ولا يعزلني أحدٌ، فقال: لك ذلك. وحكى لي قاضي قوص السَّفطي أيضًا قال: كان له جابي يجبي له أملاكًا، فتأخَّر مرةً