وكان كثير الخطابة في كلامه، واسع العبارة، مقعقعًا، ويغلِّط المتقدمين في مواضع، والصواب ما قالوه، كما قال في الطباق: إنهم جعلوه في ما يجمع الأمرين المختلفين، وأفسد هذا بأن قال: هذا مخالف لا يطابق، وغلط في ذلك؛ لأن الطباق مأخوذ من قولهم: طابق البعير في مشيه، إذا وضع رجله موضع يده، فالكلام الذي يجمع مختلفين طباق، وله أشياء مثل هذا.
ومن نثره الحسن، قوله في العصا التي يحملها الماشي متكئًا عليها ومستعينًا بها، حيث قال:
وهذه العصا التي هي لمبتدأ ضعفي خبرٌ، ولقوس ظهري وترٌ، وإذا كان وضعها دليلًا على الإقامة، كان حملها دليلًا على السفر.
وقوله في نيل مصر:
عذب رضابه فضاهى جنى النحل، واحمرت صفحتاه فعلمنا أنه قتل المحل.
ومن شعره قوله أيضًا: شعر
قُم عاطها قبل طلوع الصَّباح … بين الملاهي والوجوه الصِّباح
في روضةٍ يُطرب أغصانَها … سجعُ طيورٍ في ذُراها فِصَاح
وتحسب الأنهار في جريها … قد حمت الرَّوض ببيض الصِّفاح
وكلما غنَّت هزاراتها … شقَّت جيوب النور أيدي الرياح
ولد بالجزيرة، يوم الخميس العشرين من شعبان، وقيل: رمضان سنة ثمان وخمسين وخمس مئة.
وتوفي ببغداد، في إحدى الجمادين، سنة سبع، وقيل: ست وثلاثين وست مئة.
وقال ابن النجار: أنه توفي في يوم الاثنين، تاسع عشرين ربيع الآخر، عفا الله عنه.