للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك من الفهم والقدرة والبلوغ وما يطرأ عليها من العوارض كالنسيان والخطأ والإكراه، وما يؤثر على التفكير من أحوال كالغضب ومراتبه، والأمراض النفسية، والوسواس، وشدة الهم، والكرب، وهذا النوع والذي قبله داخل في علم أصول الفقه.

٤ - النظر إلى مقاصد المكلف ودوافعه ونيته وأهدافه، فإن مقاصد المكلفين معتبر في الفتوى؛ لأن من يطلب الفتوى تشهيا وفتنة وهوى غير من يريدها لإخراجه من مأزق.

ولذلك علل الله لما رخص لأيوب حين حلف أن يؤدب زوجته فرخص الله له أن يأخذ شمراخًا متفرعًا إلى فروع متعددة ويضربها ضربة واحدة ويحسب كل فرع منه ضربة فيكون قد أوفى بيمينه.

وعلل الله هذا الترخيص بقوله تعالى: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ﴾ [ص: ٤٤]، فتأمل هذا التعليل:

ويؤخذ منه أن واقع المكلف معتبر في تنزيل الفتوى، فإن الله سبحانه رخص له وبين تعليل ذلك ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ﴾.

فأيوب ما كانت نيته ومقاصده الهوى والتشهي، وطلب الترخص، والبحث عنه، بل كان صابرًا تقيًا نعم العبد فله حكمه.

والمفتي يأتي إليه أصناف الناس، فمنهم المتساهل الباحث عن الهوى لا عن التعبد لله

ومنهم من قصده التعبد، لكنه في ورطة يريد فتوى تخرجه مخرجا شرعيًا.

ومعرفة مقاصد المكلفين ودوافعهم ضرورية جدا للفتوى يدل عليها الحال وسياق الظروف.

وانظر إلى برامج الفتوى مثلًا فكم من سائل لا يريد الفتوى إنما يريد أن

<<  <   >  >>