للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خمرًا، فإن هذا ظن أغلبي، ومن الأمثلة المعاصرة على الموصل للحرام يقينا توصيل الكهرباء لأماكن الدعارة والبارات فإنها في الحياة المدنية المعاصرة وسيلة غالبة إلى المعصية؛ لأنها العامل الأهم في تشغيل تلك الأماكن فمنعها أولى وآكد من بيع العنب لمن يتخذه خمرًا بالظن الغالب؛ لأنه قد لا يصنع به ذلك بخلاف توصيل الكهرباء للمراقص وأماكن الدعارة والبارات فإنها إعانة مباشرة على معصية محققة، وعليه فإبرام عقد صيانة وتوصيل الكهرباء لهذه الأماكن إعانة على معصية محققة؛ إذ المراقص والبارات لا يكون فيها إلا ذلك واستعمال الكهرباء فيها لا يكون إلا للمعاصي.

المسألة الثانية: مستندات القاعدة.

أصل الباب ودليله.

من القرآن الكريم: قول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، ولا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: ٢] وفي هذه الآية الكريمة مسائل كثيرة، وفقه واسع، فهي أصل عظيم في الاستدلال على كثير من فروع الشريعة، والبر والتقوى مأمور بهما استقلالا، ومطلوبان شرعيان، فالبر يتناول الواجب والمندوب إليه والتقوى رعاية الواجب (١).

وقد بين الله معنى البر مفصلا في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٧٧].


(١) الجامع لأحكام القرآن القرطبي، (٦/ ٤٧).

<<  <   >  >>