ومن حفظه صيانته من التلف والسرف والتبذير، وإنفاقه فيما لا يعود بالنفع والمصلحة؛ لهذا حجر الشرع على السفيه، ومنع الطفل من التصرف في المال، حتى يرشد، وشرع في المال أحكامًا ترجع إلى تنظيم حفظه وإدارته وتداوله وتوزيعه فشرع البيع والشراء ومنع الغرر والتدليس وبيع ما لا يملك، والمعدوم، وما لا نفع فيه، وشرع الزكوات والصدقات، وتسليطه في الحق آناء الليل وأطراف النهار، والجهاد به، وإعانة طلبة العلم والفقراء واليتامى، وهذه من أمهات الطاعات، ونجد السرقة، والغصب، والخمر، والميسر، والرشوة، والربا، والنهب، وأكل مال اليتيم، والغلول، وخيانة الأمانة عامة كالولايات، وخاصة كنحو الودائع من أعظم الذنوب.
وفروع الشريعة وأصولها وأدلتها متكاثرة بالغة حد القطع في حفظ المال ..
ولهذا أورد العلماء قواعد عديدة تدخل ضمن حفظ المال، سأذكر أهمها، وأشرح معناها مع مثال مبين لكل قاعدة.
١ - لا يتصرف في ملك الغير إلا بإذنه (١).
والقاعدة تعني أن الملك لا يجوز أن يتصرف فيه إلا المالك، أو من أذن له المالك فيجوز له حينئذ التصرف فيه إما بعينه كمن وهب، أو أهدى لآخر مالا فاستهلكه، أو يتصرف في منافعه بالإعارة.
(١) الفصول في الأصول للجصاص (٣/ ٢٥٠) قال الدبوسي: تقويم الأدلة في أصول الفقه (ص ٤٥٨). والأصل في ملك الغير حرمة التناول حتى يبيحه المالك، قواعد العقائد (ص ٢٠٤). والظلم هو عبارة عن التصرف في ملك الغير بغير إذنه، التمهيد في أصول الفقه (٤/ ٢٨٥).