وإذا تعارضت بعض الخمس الضرورية قدمت الدينية على الأربع الأخر، لأنها المقصود الأعظم، قال الله تعالى: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ [الذاريات: ٥٦]، [ولأن] ثمرته نيل السعادة الأخروية، لأنها أكمل الثمرات وقيل: تقدم الأربعة الأخر على الدينية، لأنها حق آدمي وهو يتضرر به، والدينية حق الله تعالى وهو ﷾ لا يتضرر به، ولذلك قدم قتل القصاص على قتل الردة عند الاجتماع، ومصلحة النفس في تخفيف الصلاة عن مريض ومسافر، وأداء صوم، وإنجاء غريق، وحفظ المال، بترك جمعة وجماعة، وبقاء الذمي مع كفره. ورد ذلك: بأن القتل إنما قدم لأن فيه حقين، ولا يفوت حق الله بالعقوبة البدنية في الآخرة، وفي التخفيف عنهما تقديم على فروع الدين لا أصوله، ثم هو قائم مقامه، فلم يختلف المقصود وكذا غيرهما، وبقاء الذمي من مصلحة الدين لاطلاعه على محاسن الشريعة، فيسهل انقياده كما في صلح الحديبية، وتسميته فتحا مبينا قلت: ونظير القتل بالقود والردة إذا مات من عليه زكاة ودين لآدمي، فقيل: تقدم الزكاة لأنه حق الله، اختاره القاضي في " المجرد "، وصاحب " المستوعب ". وعنه: يقدم دين الآدمي. والمشهور في المذهب أنهم يقتسمون بالحصص، ونص عليه أحمد، وعليه أكثر أصحابه. وكذا لو مات وعليه حج ودين وضاق ماله عنهما أخذ للحج بحصته وحج من حيث يبلغ، نص عليه أحمد، وعليه الأصحاب. وعنه: يقدم الدين لتأكده. ولم يحكوا هنا في الأصل القول بالتساوي، ولعلهم حكوه ولم نره ثم مصلحة النفس؛ لأن البقية لأجلها وبها تحصل العبادات. ثم النسب بعدها؛ لشدة تعلقه ببقائها فبقاء الولد لا مربي له، فيؤدي إلى هلاكه. ثم العقل بعده لفوات النفس بفواته، ولأن به التكليف، ثم المال.