للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المشقات فهي: قسمان: عادية وغير عادية.

[النوع الأول المشقات العادية]

ما كان في قدرة الإنسان القيام بها حال ممارسته لشؤن حياته.

فالبرد لا يمنع الوظيفة، والأمطار لا تمنع القيام بشؤن الحياة وتبعاتها. والعسكرية للدفاع عن الأوطان أمر عادي وطبيعي. ويصف الأطباء الصوم الطبي للحمية الغذائية ويقوم به من شاء، ولا يسبب له أي ضرر، بل يتعلق به الكثير من المنافع العلاجية.

فهذه المشقات عادية، ومن يسر الشريعة أن جاء التكليف وفق هذه العاديات.

فالبرد لا يمنع من الصلاة، والصيام تكليف عادي ليس فيه مشقات خارجة عن الطاقة، والجهاد في سبيل الله أمر عادي كالعسكرية والدفاع عن العرض والوطن.

لذلك لم تلتفت الشريعة لهذه المشقات العادية والطبيعية، فالشرع متماش ومتساير معها، وقد ضبطها الإمام الشاطبي: بأنها التي لا يترتب عليها ضرر في نفس، أو عضو، أو مال، أو انقطاع العمل، أو بعضه (١).

[النوع الثاني: مشقات غير عادية]

وهي نوعان: منها ما ليس في وسع المكلف، ولا طاقته، فهذا لم يكلف بها الشرع أصلا.

ومنها ما يمكن أن يقوم به المكلف، لكن مع مشقة، وهذه شرعت لها أحكام متعلقة بها بحيث يحافظ على التكليف بيسر معها. وهي المعروفة بالرخص الشرعية. كالقصر في السفر ونحوه.


(١) الموافقات للشاطبي ٢/ ٥٣٥.

<<  <   >  >>