فإذا تساوى الأولياء أقرع بينهم، والإقراع في السفر مع إحدى الزوجات، وبين الأئمة، وبين الخلفاء عند التساوي والتزاحم وله في هذا الأخيرة الاختيار لا الإفراع.
فكل هذه الحقوق متساوية المصالح ولكن الشرع أقرع ليعين بعضها دفعا للضغائن والأحقاد المؤدية إلى التباغض والتحاسد والعناد، فإن من يتولى الأمر في ذلك إذا قدم بغير قرعة أدى ذلك إلى مقته وبغضته، وإلى أن يحسد المتأخر المتقدم؛ فشرعت القرعة دفعا لهذا الفساد والعناد، لا لأن إحدى المصلحتين رجحت على الأخرى (١).
المطلب الثالث: تطبيقات قاعدة اجتماع المصالح وتزاحمها من كتب الفقهاء المتقدمين.
تقدم ذكر مراتب الترجيح بين المصالح وضبطها بالقواعد الحاكمة مع الترتيب المرحلي من البداية إلى النهاية، وذكرنا في كل نوع تطبيقات معاصرة متنوعة وهنا نذكر تطبيقات فقهائنا المتقدمين لنجمع بين الحسنيين، كما هو شرطنا في هذا الكتاب، كما أن ذكر تطبيقاتهم يعمق الفهم بمنهجهم وكيفيته مما يفيد الفقيه المعاصر في التأصيل والتنزيل. وأكثر من اعتنى بهذه التنزيلات في باب المصالح الإمام ابن عبد السلام ولم يذكرها غيره بهذا التتبع. فهو إمام الفن بلا منازع.