هذه قاعدة مستقلة وكذلك متفرعة عن قاعدة إعمال الكلام مقدم على إهمال، ومفرعة من قاعدة اليقين لا يزول بالشك، لأن الحقيقة هي اليقين.
وهذه القاعدة من قوانين الاستدلال الثابتة التي لم يختلف عليها النظار.
وعليها تبنى المسائل الفقهية، والأحكام القضائية، وعليها قامت الدلالات العربية.
بل عليها تقوم مخاطبات الناس في عقودهم ومعاملاتهم وحياتهم.
فالأصل الحقيقة ولا يصار إلى المجاز إلا بدليل واضح راجح يصرف عن الحقيقة.
وقد نص على القاعدة في سائر المذاهب (١)
بل هي محل اتفاق وإجماع لا يختلف فيها علماء الشريعة ولا علماء اللسان، بل اتفقت عليها عادات الخلق في تخاطبهم.
قال الرازي: "إجماع الكل على أن الأصل في الكلام الحقيقة، وروي عن ابن عباس ﵄ أنه قال ما كنت أعرف معنى الفاطر حتى اختصم إلي شخصان في بئر فقال أحدهما فطرها أبي أي اخترعها، وقال الأصمعي ما كنت أعرف الدهاق حتى سمعت جارية بدوية تقول: اسقني دهاقا أي
(١) الأشباه والنظائر - ابن نجيم (ص ٥٩) الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق (٣/ ١١٤) الأشباه والنظائر - السيوطي (ص ٦٣) القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (١/ ٣٦٧).