[المبحث الثاني: قانون استعمال قاعدة الضرورات تقدر بقدرها]
هناك ضوابط حاكمة لهذه القاعدة، حتى لا يتحول الاجتهاد إلى رأي زئبقي لا تضبطه أصول، ولا حدود. ومن أهم ضوابط هذه القاعدة:
١ - أن تقدر الضرورة بقدرها من حيث الرتبة في الموازنة بين قدر الضرر وقدر الحرام الممنوع، فلا يجوز الإقدام على الممنوع شرعًا، حتى تكون الضرورة المراد دفعها أكبر من المحرم.
أما لو كانت الضرورة أقل، أو لم كانت في مرتبة الحاجيات، أو التحسينيات فيحرم الإقدام على الحرام.
ولهذا قرر الأصوليون في التعليل بالمناسب المصلحي أنه لو عارضه مفسدة راجعة، أو مساوية أبطلته؛ لأن المفسدة الكبرى إن ارتكبت لدفع مفسدة أصغر، أو مصلحة أقل لم تكن هناك ضرورة (١).
فلو كشفت المرأة عورتها المغلظة للكوافيرة لغرض الحلاقة مثلًا كان هذا محرمًا مقطوعًا به؛ لأن الإقدام على المحظور إنما يكون لحماية الضرورات الكبرى ومكملاتها، وحلق العانة في أدنى المراتب، وهي التحسينات. ولكن لو أرادت تركيب لولب لمنع الحمل مؤقتا، فهذه مسألة
(١) تشنيف المسامع بجمع الجوامع، لتاج الدين السبكي، الزركشي، (٣/ ٢٨٣) الفوائد السنية في شرح الألفية البرماوي، (٥/ ١٩٨٩) شرح البنود على مراقي السعود، الشنقيطي، (٢/ ١٧٠).