للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر بعدها استخلاف آدم في الأرض وختم القصة بقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين﴾ [سورة البقرة: ٣٦].

والعجب أنهم يستدلون بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ﴾ [سورة النحل: ١١٦].

مع أن نقاشهم في المسألة المفروضة قبل الشرع، فما دخل هذه الآية بما كان قبل الشرع؟!

فهذه الآية تبين الحكم بعد الشرع بلا شك .. (١).

وهي ليست دليلًا إلا على تحريم التقسيم بدون حجة، أما من قسم فقال هذا حرام؛ لأن الله نص عليه وحرمه، وهذا حلال؛ لأن الله لم يحرمه، فهذا عين الحق، فهي دليل على أن الأصل الإباحة؛ لأن الله فصل قسمين: الحرام وبينه وفصله والحلال وسكت عنه، فهو ما سوى الحرام، وهو كل شيء .. (٢).

قال ابن تيمية: مبينًا أن الخلاف غير صحيح-: "ولست أنكر أن بعض من لم يحط علمًا بمدارك الأحكام ولم يؤت تمييزًا في مظان الاشتباه، ربما سحب ذيل ما قبل الشرع على ما بعده إلا أن هذا غلط قبيح، لو نبه له لتنبه مثل الغلط في الحساب لا يهتك حريم الإجماع، ولا يثلم سنن الاتباع" (٣).


(١) التبصرة في أصول الفقه الشيرازي (ص ٥٣٥).
(٢) ثم اطلعت على قول ابن عرفة: "يؤخذ منها بأن الأصل في الأشياء الإباحة؛ لأن الذم إنما ترتب على نفس التقسيم من غير اعتبار شيئين من الأقسام"، تفسير الإمام ابن عرفة، (٢/ ٣٤٦).
(٣) المصدر نفسه (٢/ ٣٤٦).

<<  <   >  >>