للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن رسلان: «(وما سكت عنه) فلم يبين تحريمه رحمة لكم غير نسيان (فهو عفو) أي: ما أمسك عن ذكره فلم يوجب عليكم فيه حكمًا، فهو معفو عنه، أي: عفي عن الحرج في أكله تسهيلًا عليكم، فيباح لكم أكله، وهذا على أن الأصل في الأشياء الإباحة، كما تقتضيه عموم النصوص، وهذا الحديث بخصوصه، قيل: يقتضي الإباحة مطلقًا. والصحيح أن الأصل في المنافع [الإباحة، وفي المضار التحريم، ويستثنى من المنافع] الأموال؛، فإن الظاهر أن الأصل فيها التحريم؛ لحديث جابر: «إن دماءكم وأموالكم حرام» (وتلا: ﴿قُلْ لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ [الأنعام: ١٤٥] إلى آخر الآية)، فهي دالة على أن التحريم والتحليل إنما يثبت بالوحي والتنزيل» (١).


= الآثار، (٢/ ٢٢٦)، حدثنا ابن أبي داود، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا عرعرة بن البرند، حدثنا زياد بن جصاص، عن معاوية بن قرة، عن أناس من أصحاب النبي أنهم سألوا النبي ، فقالوا: أعاريب يأتوننا بلحمان مشرحة، والجبن، والسمن، والفراء، ما ندري ما كنه إسلامهم؟ قال: "انظروا ما حرم عليكم فأمسكوا عنه، وما سكت عنه فإنه عفا لكم عنه، ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: ٦٤]، واذكروا اسم الله ﷿ ".
قال الجصاص بعد إيراده حديث سلمان وغيره، أحكام القرآن الجصاص، (١/ ١٤٩)
قال أبو بكر هذه الأخبار فيها إباحة الشعر والصوف والفراء والجبن من وجهين أحدهما ما ذكرناه في حديث أم سلمة من النص على إباحة الشعر والصوف من الميتة وحديث ابن أبي ليلى في إباحة الفراء والمساتق والآخر ما ذكر في حديث سلمان وفيه دلالة على الإباحة من وجهين أحدهما أنه لو كان محرما لأجابه النبي بالتحريم والثاني أن ما لم يذكر بتحريم ولا تحليل فهو مباح بقوله وما سكت عنه فهو عفو.
(١) شرح سنن أبي داود، ابن رسلان (١٥/ ٤٢٣).

<<  <   >  >>