للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما أسست المذاهب وقعد فقهاؤها ذلك، وشرطوا شروطًا للانكار: كقانون دستوري لضبط الخلاف وحسم مادته، أو تقليلها.

وهذا في الحقيقة هو الإنكار العملي كأن ينهاه باليد. أما الإنكار باللسان، فإن كان بين العلماء، فهذا لا يوقفه أجد إلى يوم القيامة، وهذا كتبهم شاهدة على ذلك.

فترى الحنفية يردون على الشافعية، والعكس، وهكذا البقية.

أما بين عامة السواد الاعظم فكل من قلد فتوى عالم، فلا ينكر عليه في الأصل

من مثله، ولا من عالم.

ويتحصل من هذا خمس مراتب:

الأولى: إنكار العامة على بعضهم ممن قلد عالما معتبرا، فهذا الصحيح لا إنكار، دفعًا للفتنة

الثانية: إنكار العلماء على بعضهم، وهذا موجود لا يمكن فيه أن تجري القاعدة، وإلا لانتهت المباحثة والمناظرة.

الثالثة: إنكار العالم على أحد العامة، وهذا إن كان في مسائل خلاف اجتهادي معتبر قلد فيه معتبرا. فاللائق تقدير ذلك الحال من العالم المنكر؛ لأن الغالب ظهور مفاسد منها اظهار اختلاف العلماء على العامة مما قد يسقط هيبتهم، وإلى عدم العمل بفتاواهم، أو يؤدي إلى التعصب لأحدهم، وارتكاب حماقات لا تحمد عقباها.

الرابعة: إنكار القاضي، فإن كان في القضاء فإنكاره بصدور حكم، وهذا لا خلاف في إيقاعه، وإلا، فهي فتوى كسابقتها

الخامسة: إنكار الأمراء وولي الأمر على العامة، أو أحدهم، فهذا حكمها إن كان الأمير عالما، فهي فتوى كغيره، أو ليس بعالم، فلا يحق

<<  <   >  >>