للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال السرخسي: لترجيح بالكثرة هو أصل في الفقه، فإن للأكثر حكم الكمال (١).

قال الجصاص: تعلق الأحكام في الأصول بالأعم الأكثر (٢).

قلت: والحاصل أن الشريعة في أكثر أبوابها تقوم على غلبة الظن، وتتعبد بذلك الخلق فمن ذلك:

أنه أثر في الإثباتات التي تقوم عليها الأحكام التقوية بواحد وشاهد عدل، أو اثنان لدخول صيام رمضان للأمة بأسرها، واثنان للخروج منه ولم يحصل خلاف في أن العدلين فيهما كفاية في الرؤية بخلاف الواحد.

وكذا اثنان لرؤية هلال ذي الحجة لما يتعلق به من شعائر وقوف عرفة، ومناسك الحج. واثنان يشهدان على الملك، واثنان على النكاح، واثنان على حد السرقة فتقطع اليد، واثنان يجلد بهما القاذف وشارب الخمر، واثنان في القتل وأربعة في الزنا، وفي جميع الحقوق والمرافعات والإثباتات والدعاوى والبينات التي ينبغي عليها حل الأموال، أو قطع الرقاب، وثبوت الديانات والأنساب، والأعراض يعد انضمام واحد عدل إلى مثله يقوم عليها العمل والأحكام.

ومما يمكن إيراده في الباب ما يلي:

فمن القرآن: قوله تعالى: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما﴾ [البقرة ٢١٩].

ففي هذه الآية من الفقه أن التحليل والتحريم يبنى على غلبة المصالح


(١) المبسوط للسرخسي (٢/ ٢٠٦).
(٢) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٧٩).

<<  <   >  >>