للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فشرط الطاعة هو أن يقود الناس بكتاب الله، فما خالف كتاب الله من التشريعات، أو الأوامر، فهي باطلة لا طاعة لأحد فيها.

فعقد الولاية شرطه الأمر وفق أمر الشرع والوقوف حيث وقف الشرع فمن نقض ذلك، فلا طاعة له؛ لأنه نقض الشرط الموجب لها.

وهذا ما يقوم عليه العقد السياسي في الإسلام وما إليه ذهب كافة العلماء ف "إنهم لا يوجبون طاعة الإمام في كل ما يأمر به، بل لا يوجبون طاعته إلا فيما تسوغ طاعته فيه في الشريعة، فلا يجوزون طاعته في معصية الله، وإن كان إمامًا عادلًا" (١).

ولهذا نص ابن عبد السلام أنه لا طاعة لجهلة الملوك والأمراء، حتى يعلم أنه موافق للشرع، وذلك؛ لأن هؤلاء تختلط أوامرهم، وأقوالهم بالحق، والباطل، وقد جاء في الحديث: «اتخذ الناس رؤساءً جهالًا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» (٢).

فطاعة هؤلاء الجهلة على إطلاقها ضلال، بل لابد من معرفة موافقتها للشريعة، حتى إذا علم موافقتها للشريعة أطيع، وإلا فلا.

قال العز: «لا طاعة لجهلة الملوك والأمراء إلا فيما يعلم المأمور أنه مأذون في الشرع» (٣).

بل شدد فقهاء المذاهب الأربعة، حتى في المسائل التي فيها خلاف سائغ، لكن المأمور يرى الحرمة، فقالوا: لا يجوز له الإقدام عليه، ولو أمره السلطان، وإلا فإنه يتحمل المسؤلية والتبعة.


(١) منهاج السنة النبوية: ج ٣/ ٣٨٧، لشيخ الإسلام ابن تيمية.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) قواعد الأحكام (٢/ ١٣٤).

<<  <   >  >>