ففيها تأكيد على أصل التيسير ودفع الحرج برفع المؤاخذة حال النسيان والخطأ، وسيأتي شرح ذلك في قاعدة مستقلة فرعية، ومن جهة أنه أسقط الإصر، وهو الثقل والضيق في التشريع الذي كان على من قبلنا من الأمم، وهو كقوله تعالى: في صفة نبينا ﷺ: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: ١٥٧].
ومن جهة أنه لم يحملنا ما لا طاقة لنا به من التشريعات والتكليفات، ومن جهة فتح باب العفو، وهو ترك المعاقبة على الذنب والمغفرة، وهو ستر الذنب والرحمة، وهي سبق لطفه لنا فوق أعمالنا بمضاعفة الحسانات.
ثم ختمها ببيان أن مولى أهل الإيمان هو الله ﷾ وهو الحكيم العدل الرحيم الرحمن الذي سبقت رحمته غضبه، فمن كان مولاه الرحمن الرحيم سبحانه فقد جمع الفلاح والنجاح وخرج من الحرج والعنت والشقاء في الدنيا والأخرى، ولأن أعداء هذه الشريعة السمحاء سيحاربونها ويقفون في وجه حملتها ختمت الآية بالدعاء بالنصر عليهم الشامل لأنواع النصر المادي والمعنوي، والشامل للغلبة في المناظرة والحجة ولإبطال كيدهم ومؤامراتهم.
ويشمل الدعاء بالنصر عليهم في القتال والمواجهة بأنواعه العسكري والاقتصادي والعلمي والنهضوي ووسائل الحرب المعاصرة الإعلامية والمعلوماتية والسبرانية. ومن ينصر الله ينصره وله أسباب وعوامل.
وهذه الآية مسوقه في بيان أنه لا تكليف إلا بما في الوسع من الإمكانات المالية. ولكنه عمم ذلك بقوله ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧] فشمل كل الإمكانات المادية.