ولهذا: جوزت الإجارة على خلاف القياس للحاجة وكذا قلنا لا تجوز إجارة بيت بمنافع بيت لاتحاد جنس المنفعة فلا حاجة بخلاف ما إذا اختلف، ومنها: ضمان الدرك جوز على خلاف القياس.
ومن ذلك: جواز السلم على خلاف القياس؛ لكونه بيع المعدوم دفعًا لحاجة المفاليس، ومنها جواز الاستصناع للحاجة، ودخول الحمام مع جهالة مكثه فيها وما يستعمله من مائها، وشربة السقاء، ومنها الإفتاء بصحة بيع الوفاء حين كثر الدين على أهل بخارى، وهكذا بمصر، وقد سموه بيع الأمانة، والشافعية يسمونه الرهن المعاد، وهكذا سماه به في الملتقط، وقد ذكرناه في شرح الكنز من باب خيار الشرط، وفي القنية والبغية: يجوز للمحتاج الاستقراض بالربح» (١)
وقد تكلم الشيخ الزرقا كلاما مفيدا حاصله أنه قد جوز بيع السلم وبيع الاستصناع للاحتياج والضرورة العمومية؛ وكذلك جوزت أيضًا إجارة الاغتسال في الحمام وكذلك وجود خيار التعيين بالمبيع يجعل المبيع مجهولا، ولكن قد جوز هذا المبيع بناء على الاحتياج إليه؛ لأن بعض الناس لا يمكنه أن يشتري شيئًا بدون سؤال واستشارة العارفين.
وهناك فارق هام نبه عليه الشيخ الزرقا، وهو أن بين الحاجة والضرورة أن الضرورة لا تدوم؛ لأنها تقدر بقدرها بخلاف الحاجة، فهي مستمرة كعقود السلم مثلًا والضرورة في الحالة الملجئة إلى ما لا بد منه.
والحاجة هي الحالة التي تستدعي تيسيرا، أو تسهيلا لأجل الحصول
(١) الأشباه والنظائر ابن نجيم، (ص ٧٨)، وانظر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر الحموي، (١/ ٢٩٣) مجلة الأحكام العدلية (ص ١٩) درر الحكام في شرح مجلة الأحكام، أفندي، (١/ ٤٢).