وسبب الخلاف بين الوجوب والسقوط مبني على خلاف الأصوليين في الأمر هل يقتضي الفور، أو للمكلف التراخي؛ فإن قلنا إنه يقتضي الفور وجبت الموالاة، وإن قلنا إنه يقتضي التراخي لم تجب. وكذلك أيضًا وضوؤه ﷺ ثم قال:«هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به».
يتضح في هذا النص أنه وظف القواعد الأصولية، وطبقها على الحديث مباشرة، وأجرى حكم ترتيب أفعال الوضوء على حكم موالاة الأفعال، ولم يعتمد على نصوص المذهب النموذج الثاني قال ابن بشير:"ولا خلاف أن الخطبة إذا اشتملت على حمد الله تعالى: [والثناء عليه] والصلاة على نبيه ﵇ وشيء من الوعظ ومن تلاوة القرآن أنها مجزية، ولا يوجد في المذهب نص على اشتراط خطبتين حتى لا يجوز دونهما. وحكى أبو الحسن اللخمي في ذلك قولين، وهذا لو ساعدته الروايات لكان له وجه، لأن الرسول ﵇ خطب خطبتين، فيجري على ما قدمناه من الالتفات إلى أفعاله، وإن أتى منها بما لا بال له، مثل أن يقول الحمد لله وشبهَه. فهل يجزي؟ قولان. والرجوع في ذلك إلى لسان العرب، ولا شك أن مثل هذا المقدار لا يسمى خطبة … ".
يتضح من هذا النص أنه استدل على وجوب الخطبة من فعل الرسول ﷺ على الرغم من وجود النص في المذهب واحتكم إلى أهل اللسان ولم يحتكم إلى نصوص المذهب (١).
أما القواعد الفقهية المذهبية: فقد استعملها في مواضع، وهذا النوع خلافي بحت ولم يقل أحد من أهل العلم أنها حجة فضلا أن يجري فيها الخلاف في الاحتجاج وعدمه.
(١) التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات (١/ ١٦٦).