لأن الجناية لها قصد جنائي مرتبط بالعلم التام بما أقدم عليه وقصد ارتكابه.
ولا ينظر فيه إلى حسن النية، أو سوئها؛ لأن الباعث لا علاقة له بأركان الجريمة، فقد تكون نيته من السرقة كفالة يتيم.
وقد يؤثر حسن النية في التخفيف من العقوبة في بعض الحالات الجنائية.
كما يؤثر سوء النية في تغليظ العقوبة.
وهذه عكس قاعدة مكيافلي: الغاية تبرر الوسيلة، وهي تعني تسويغ ارتكاب سائر الوسائل الحسنة والسيئة لتحقيق الغايات الحسنة، أو السيئة، وهذا أمر باطل في الشرع.
ولذلك فمن كان مقصده ونيته مشروع يجب أن تكون وسيلته مشروعة.
وهنا حالات: لمن اختلف تصرفه ونيته.
الحالة الأولى: إما أن يكون جاهلًا لبعده عن علماء الشرع، أو المجتمع المسلم، أو حديث عهد بالإسلام، فهذه يعلم، ولا إثم عليه فيما مضى، فمن باع الخمر ليتصدق، أو دخل في الربا ليستفيد مالًا لكفالة يتيم، أو غصب أرضًا لبناء مسجد، فهذا كله حرام، ولو كان قصده حسنًا.
لكن هذا لا يكون إلا في حديث عهد بالإسلام أما غيره فتصرفه دليل على سوء قصده.
الحالة الثانية: من يكون جاهلًا بمآلات تصرفه وما يترتب عليه من الضرر لضعف عقل وبصيرة مع حسن نيته، ويدل عليه حديث النعمان بن بشير ﵄، عن النبي ﷺ قال: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: