للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى. ويقول: أما بعد. فإن خير الحديث كتاب الله. وخير الهدى هدى محمد. وشر الأمور محدثاتها. وكل بدعة ضلالة. ثم يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه. من ترك مالا فلأهله. ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي.». (١)

وحكم هذه البدعة الرد؛ لقوله : «من أحدث في أمرنا ما ليس منه، فهو رد» (٢)، وهذا أصل عظيم يستدل به على إبطال جميع المحدثات والبدع؛ لأنها ليست من أمر الدين لقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسلام دِينًا﴾ [المائدة: ٣].

وضبط البدعة فيها أقوال منها: ما لم يفعله النبي مع وجود مقتضياته ودواعيه، ولم يحل مانع يمنعه عن فعله.

فقوله: (مع وجود مقتضياته) احتراز عما لم توجد مقتضياته في زمنه ، كجمع المصحف في زمن عثمان، فلا يقال: ببدعية هذا العمل؛ لعدم وجود مقتضياته أيام النبي .

وقوله: (ولم يحل مانع يمنعه من فعله) احتراز عن نحو صلاة التراويح، فإن منعه من فعلها هو: «خشية أن تفرض عليكم» (٣).


(١) صحيح مسلم، برقم: ٨٦٧.
(٢) صحيح البخاري، برقم: ٢٦٩٧، صحيح مسلم، برقم: ١٧١٨.
(٣) - صحيح البخاري (٣/ ٤٥) عن عائشة ، أخبرته: أن رسول الله خرج ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله فصلى فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد، ثم قال: أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفترض عليكم، فتعجزوا عنها».

<<  <   >  >>