للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبدي حر وامرأتي طالق وعلي المشي إلى مكة ومالي صدقة إن لم أفعل كذا فتلزم هذه الأمور.

وعلى هذا القانون ترك الفتاوى على طول الأيام فمهما تجدد في العرف اعتبره ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تجره على عرف بلدك واسأله عن عرف بلده وأجره عليه وأفته به دون عرف بلدك ودون المقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح.

والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين وعلى هذه القاعدة تتخرج أيمان الطلاق والعتاق وجميع الصرائح والكنايات فقد يصير الصريح كناية فيفتقر إلى النية، وقد تصير الكناية صريحًا فتستغني عن النية اه (١).

وقال: فهل تبطل هذه الفتاوى المسطورة في الكتب ويفتى بما تقتضيه العوائد المتجددة؟، أو يقال: نحن مقلدون وما لنا إحداث شرع لعدم أهليتنا للاجتهاد؟ فنفتي بما في الكتب المنقولة عن المجتهدين، والجواب: أن جري هذه الأحكام التي مدركها العوائد، مع تغيير تلك العوائد خلاف الإجماع وجهالة في الدين، بل كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه العادة المتجددة، وليس ذلك تجديدا للاجتهاد من المقلدين، حتى يشترط فيه أهلية الاجتهاد، بل هي قاعدة اجتهد فيها العلماء وأجمعوا عليها، فنحن نتبعهم فيها من غير استئناف اجتهاد. (٢) انتهى.


(١) الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق (١/ ١٩١).
(٢) تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام (٢/ ٧٤).

<<  <   >  >>