للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأخلاق والقيم والحقوق وأحكام العقوبات والحكم بما أنزل الله، كلها ثوابت، وأحكام شرعية لا تتغير.

وعتد تنزيلها على ظرف الزمان والمكان لا تتغير أحكامها الأصلية أبدًا.

إنما يتغير إيقاعها العملي بحسب الشخص المعين في زمان وظرف معين.

فالحكم بالزنا معروف، وأن حده مئة جلدة، لكن حين الحكم به على شخص معين يمكن إلا يقام عليه الحد لشبهة درأت الحد. مع أن الحكم الأصلي وهو تحريم الزنا وجلد فاعله لم يتغير.

وهكذا جميع الشريعة لا تتبدل، ولا تتغير ولكن عند تنزيلها على وقائع الأعيان يراعى ظرف المكلف، ودليل هذا ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]، ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].

فهذا حكم شرعي كلي حاكم على كل الشريعة يدل أنها مرتبطة بالوسع.

فتبين من هذا أن أحكام الشرع المنصوصة لا تتغير أبدًا، ولا تتبدل، لكن تطبيقها راجع إلى الوسع.

وهي من هذه الجهلة العملية قد تتغير بحسب ظرف المكلف.

ومع هذا فيجب القول إن هذه التغييرات مضبوطة وليست متروكة على عوهنها.

فقد حددت الشريعة ما يتغير وبينت عللها، ولم تتركها للتخرصات، فالسفر والمرض علة للتخفيف، والحيض والنفاس علة، والشبهة علة لدرء الحد، والاكراه الملجيء يرفع الإثم والمؤاخذة، لكنه لا يرفع ضمان المتلفات، ولا يجيز قتل النفس، ورفع الحرج عن من لا يقدر على النفقة للجهاد، وجعل الضرروة مناطا لتخفيف الأحكام لذلك أحل الميتة ونحوها للمضطر.

<<  <   >  >>